هل يمكن أن نتخيل عالمنا بدون الإنترنت؟ عالم يخلو من فيض شبكات المعلومات الرقمية التي تربطنا معًا؟ لا شك أنه سيكون عالمًا بدائيًا!! هنالك شبكة أخرى لا يمكن أن نتخيل حياتنا بدونها، ولا ندرك حيوية الدور الذي تلعبه في حياتنا: شبكة التجارة. فمثلما يوفر الإنترنت حيزًا رحبًا لنقل البيانات، تمثل شبكة التجارة مسارات لنقل البضائع. هنا يبرز الدور الأساسي الذي تلعبه التقنيات الحديثة في صياغة النسيج الذي يربط العالمين، المادي والرقمي. يتمحور عملنا في حياكة هذا النسيج على أفضل نسق.
إبراهيم النجار مدير إدارة تقنية المعلومات موانئ دبي العالمية – إقليم الإمارات، مع توليه منصب مدير إدارة تقنية المعلومات بموانئ دبي العالمية – إقليم الامارات، يضطلع إبراهيم النجار بدور استراتيجي له بالغ الأثر على قطاع النقل والخدمات اللوجستية في إمارة دبي, القطاع الاكبر الذي يمس حياة الناس محليًا و إقليميًا ودوليًا.
تتركز جهود أعمالنا، من منطلق أن تسعين بالمائة من كل البضائع المتداولة في العالم يتم نقلها عبر الشبكة المادية، نحو هدف أساسي هو تمكين التجارة ونقل البضائع، فض ًلا عن تحمل عبء تسهيل غالبية هذه المعاملات. ومع هذا المستوى من الاتصال الفعلي، أصبح عملنا يمس حياة الجميع بشكل مباشر أو غير مباشر. نحن نفعل ذلك بكفاءة وفاعلية من خلال تطويع التكنولوجيا والحلول المبتكرة، ما يجعلنا المحرك الذي يدفع شبكة الإنترنت التجارية للأمام ويربط العالم بعضه ببعض.
الترابط الفائق باستخدام التكنولوجيا
الترابط الفائق هو ببساطة إمكانية الربط بين كل شيء! في موانئ دبي العالمية – إقليم الإمارات، نهدف إلى تمكين الربط الفائق السرعة على كافة المستويات في كل ما نقدمه من خلال تمكين التكنولوجيا. والآن، لنلقي نظرة على الكيفية التي من خلالها يتسنى لنا ذلك، بدءًا من الموانئ والمناطق الحرة التي نشرف عليها، ثم التعرف على جهودنا المبذولة لتيسير تجربة العميل في المنطقة، مرورًا بفتح المجال للوصول إلى الموارد وربط المجتمعات في الأسواق العالمية حتى نبلغ هدفنا المتمثل في ربط العالم بعضه بعضًا.
الترابط في العمليات التشغيلية
على المستوى التشغيلي للموانئ والمناطق الحرة، ترتبط جميع المرافق والمعدات والأصول التي لدينا مع بعضها، وذلك من خلال تقنيات مثل “إنترنت الأشياء” التي تمكننا من تنفيذ عملياتنا التشغيلية بكفاءة وفاعلية. كما يتم التقاط البيانات من قبل عدد من أجهزة الاستشعار، ما يوفر مخططات تفصيلية وحديثة لدورة العمل بأكملها. على سبيل المثال، تعمل رافعاتنا المرتبطة معًا مع المركبات المرتبطة ببعضها، وكلاهما يعمل وبشكا متسق مع محطاتنا البحرية المرتبطة أيضًا. السيارات ذاتية القيادة المسيطر عليها عن بعد، هي أيضًا من الوسائل الرائدة التي نتبناها. من ناحية أخرى، تعمل إدارة المرور على تقديم حلول لتسهيل حركة أسطول المركبات التي يزيد عددها على ألف مركبة. وتتضمن تلك الحلول استخدام نظام “الفيديو الذكي” وتكنولوجيا “تحليل البيانات” مما يساهم في رفع مستوى تدفق حركة المرور وتحسينها والتوجيه في جميع أنحاء المنطقة الحرة لجبل علي (جافزا) بشكل خاص، ودبي بشكل عام. هذا وتتبني مرافقنا المزيد من الحلول الأكثر ذكاًء والمزيد من تقنيات الأتمتة، مثل لجوء الموانئ والمستودعات إلى الروبوتات، ما يخلق بيئة تترابط فيها جميع الحلقات. ولتوسيع نطاق “ الترابط الفائق”، فإننا نتبنى أحدث تقنيات الاتصالات في الجيل الخامس 5G ونظام الواي فاي 6، وتطويعها لدعم أنشطتنا الصناعية. ولا شك أن هذا الأمر يمنحنا رؤية أوضح لاتخاذ قرارات أفضل، من أجل الوصول إلى هدفنا المتمثل في تقديم خدمة أفضل لعملائنا.
الترابط الاقليمي
مع توسيع رؤيتنا لتشمل “الترابط الفائق” على المستوى الإقليمي، نركز على توفير بيئة أعمال مترابطة لأصحاب الأعمال التجارية، والاستفادة المتواصلة من أحدث التقنيات لتقليل الإجراءات على عملائنا. مثال على ذلك “منصة دبي التجارية”، والتي تعد نافذة تجارية موحدة تعمل دومًا على توسيع وتيسير الخدمات التجارية واللوجستية المقدمة في دبي، إضافة إلى ربط نقاط التفاعل بين المصدرين والموردين وكافة الجهات المعنية تحت منصة واحدة متطورة. يتم استخدام تقنيات “بلوك تشين” بشكل متزايد لتعزيز الثقة بين الموردين والجهات المعنية، حيث يمكنهم تقديم خدمات أفضل وأكثر فاعلية دون إخضاع التجار لعمليات إجرائية متكررة. فمث ًلا، يتم تطبيق تقنية البلوك تشين للتأكد من عدم حاجة العميل للتعامل مع عدة جهات لنفس المعاملة التي تتطلب البيانات ذاتها. إن الدمج والتكامل بين الموانئ وجافزا مع العديد من السلطات الأخرى مثل الجمارك، وهيئة الصحة بدبي، وهيئة الصحة والسلامة والبيئة، والسلطات التنظيمية الأخرى هي ما يخلق بيئة عمل شديدة الترابط، ويقلل من النفقات العامة، مما يساعد على تقديم تجربة أفضل وأكثر سلاسة لعملائنا. كما أن هذا الأمر يساعد التجار أيضًا على التمتع ببيئة فريدة متعددة الوسائط والخدمات، وشديدة الترابط، حيث يشمل الربط البحري والبري والجوي من أجل خدمة السوق الإقليمي، واستهداف الأسواق العالمية بشكل أفضل من ذي قبل.
الترابط العالمي وانعكاساته على المستقبل
توفر أعمالنا، من منظور عالمي، خدمات شاملة للتجار، أبرزها مجموعة الخدمات اللوجيستية المتكاملة وخدمات النقل المقدمة عبر شبكة واسعة من الموانئ والمناطق الاقتصادية والمراكز اللوجستية المرتبطة ببعضها البعض في كافة أنحاء العالم. هذه الحلول المرتبطة مع بعضها تؤدي إلى بزوغ ونمو اقتصاديات المنصة الواحدة؛ حيث يعمل كل من الموردين و التجار على تطوير وتغييرالطريقة التي ينفذون بها أعمالهم. يتم تحليل البيانات الضخمة والنماذج لتتماشى مع الطلب عن طريق تحديد القدرات والاستفادة منها، أو عن طريق التوفيق بين المنتجين والمستهلكين. وما تطبيق “كارغو سبييد” الذي تطبقه موانئ دبي العالمية إلا مثا ًلا للحلول المبتكرة التي تستفيد من تقنية الهايبرلوب، وتهدف إلى تعزيز منصاتنا المتصلة رقميًا بما يلزمها من وسائل النقل المبتكر، الأمر الذي يشكل المزيد من الطرق الجديدة للتجارة، ويربط الأسواق بعضها ببعض.
إن مثل هذا المستوى من الترابط الفائق يطرح تحديات جديدة تتعلق بالنواحي الأمنية وتحليل البيانات المركبة والمعقدة. لهذا نطرح وباستمرار خطط لحفظ معلومات عملائنا وسلامتهم ورفاهيتهم ضمن أي تصميم لأي من حلول الأعمال التي نطبقها. ولمعالجة مسألة البيانات المعقدة، نقوم بتحديد حالات الاستخدام التي يوجد بها حوسبة كمية، وذلك من أجل تحليل العدد الضخم من المتغيرات التي يجب ربطها في مثل هذه البيئة المتصلة. وبالنظر من مستوى عملياتي أو من منظور السوق العالمي، ندرك أن مثل هذه البيئة تنمو لتصبح نظامًا حيًا معقدًا قاب ًلا للتكيف، تتم تقويته من خلال تطبيق التكنولوجيا المدعومة بأفكار مستمدة من البيانات، ويقودها الهدف المتمثل في خدمة عملائنا بشكل أفضل، وربط العالم، وإحداث الفارق. نحن القوة الدافعة لقاطرة شبكة الإنترنت التجارية.