
كيف ستغير مبادرة الحزام والطريق قواعد التجارة في دول مجلس التعاون الخليجي
الكثير منا سمع عن خطة الصين الطموحة لإنشاء طريق الحرير الجديد، وهو الممر التجاري الضخم الذي يربط الصين بأوروبا برًا وبحرًا. ومن المتوقع أن يكلف طريق الحرير الجديد،المعروف باسم مشروع الحزام والطريق، الصين وحدها 900 مليار دولار بالإضافة إلى خطط لقروض تصل إلى 8 تريليونات دولار لتطوير البنية التحتية اللازمة لجعل هذا المشروع واقعيًا.
في هذه المرحلة، تم بحث ومناقشة الفوائد المحتملة لمشروع الحزام والطريق باستفاضة. وبطبيعة الحال من المتوقع أن تحقق الصين مكاسب كبيرة لأسباب عدة، منها سهولة الوصول إلى الأسواق الجديدة وتوفير منفذ لتصريف فائض الإنتاج الذي يعاني منه حاليًا قطاع التصنيع في البلاد. أما بالنسبة لدول آسيا الوسطى، فإن موقعها بين أوروبا والصين يتيح لها جني مكاسب من طريق الحرير الجديد، في حين ستستفيد أوروبا من سهولة وسرعة الوصول إلى قلب الصين. كما أنه من المتوقع أن لا تقتصر المبادرة على الاستثمارات المحتملة التي قد يجذبها المشروع بشكل مباشر. ففي إحدى التقارير الصادرة عام 2017 عن بنك كريدي سويس، ستخصص 62 دولة استثمارات إجمالية بقيمة 500 مليار دولار على مدى السنوات الخمس القادمة لهذا المشروع.
على صعيد دول مجلس التعاون الخليجي، فعلى الرغم من أنها لا تقع مباشرة على طريق الحرير الجديد، إلا إنها ستلعب دورًا حيويًا في تسهيل التجارة على طول الممر الجديد الذي يربط بين الشرق والغرب. وإدراكًا لهذا الدور، فقد تعهد الرئيس الصيني شي جين بينغ، أثناء زيارته للمنطقة في شهر ديسمبر 2018، بتقديم قروض بقيمة 20 مليار دولار و 106 ملايين دولار كدعم مالي لمنطقة الشرق الأوسط.
Development of the Traders Market
جدير بالذكر أن موانئ دبي العالمية وقعت اتفاقية مع مجموعة تشيجيانغ تشاينا كوموديتيز سيتي، لتطوير مشروع “سوق التجار”، والذي سيقام على مساحة 20 مليون قدم مربع (60 مليوًنا بما في ذبك صافي مساحة السوق) والذي سيكون بمثابة مركزًا متكام ًلا للخدمات اللوجستية يربط دول مجلس التعاون الخليجي بمبادرة الحزام والطريق. وسيشمل سوق التجار مستودعات لوجستية ضخمة ومحلات تسوق للبيع بالجملة وغيرها من المرافق التي لا يقتصر دورها على تسهيل حركة البضائع، بل تنشئ أي ًضا آلية توفر للعملاء باقة من الخيارات المتنوعة لتلبية متطلبات القطاع اللوجستي العصرية والمتمثلة بالتوصيل من الباب إلى الباب.

من منظور مستقبلي، ُيمثل سوق التجار نموذجًا لمايمكنأنستبدوعليهالتجارةعندماتصبح مبادرة الحزام والطريق حقيقة واقعية، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالتحول نحو اللوجستيات المتمركزة على الموانئ. وعلى الرغم من أن الموانئ تعمل دائمًا كمراكز لوجستية، إلا إنها كانت تتعلق باستخدام الميناء لتوفير خدمات وحلول ذات قيمة مضافة مثل التخزين. أما في عصر اللوجستيات المتمركزة على الموانئ، فإنه يجري تطوير منظومة شبيهة بما هو قائم حاليًا بين ميناء جبل علي التابع لموانئ دبي العالمية وبين مجمعات ومناطق الأعمال مثل المنطقة الحرة لجبل علي (جافزا).
إن من مزايا إطلاق مشروع سوق التجار، وهو أحد مساعي موانئ دبي العالمية، هو الاستفادة من هذا النوع من المنظومات المتكاملة لتوسيع نطاق عملها ورفع كفاءة خدماتها. فمن ناحية، سيكون لدينا ميناء جبل علي بشبكته التجارية التي تصل إلى أسواق تضم أكثر من 3.5 مليار نسمة في بعض من أكثر الاقتصادات ديناميكية، والذي يعد أحد أكثر الموانئ سرعة في المناولة في العالم حاليًا، ويمتلك أفضل البنى التحتية على مستوى المنطقة. ومن ناحية أخرى، سيكون لدينا جافزا، والتي تحوز على نسبة 23.9 في المائة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تستقطبها دبي، وتتمتع بسمعة عالمية كمنطقة أعمال مثالية لكبرى الشركات العالمية.
The opportunity
أما بالنسبة للشركات العاملة في منطقة الشرق الأوسط والتي تتطلع لتوسيع نطاق عملياتها – إما عن طريق الاستفادة من أسواق آسيا الوسطى أو من الفرص التي يوفرها طريق الحرير الجديد – يعد سوق التجار بالفعل المكان الأمثل، وذلك بفضل المنظومة المتكاملة التي يوفرها، مع ميزة إضافية تتمثل في وجود خدمات وحلول لوجستية تلبي مباشرًة المتطلبات الخاصة لكل منها.